الخطبة الأولى
جاء في صحيح الإمام مسلم عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال: اطلع النبي -صلى الله عليه وسلم- علينا ونحن نتذاكر فقال « ما تذاكرون ».قالوا نذكر الساعة. قال « إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات ». فذكر الدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى ابن مريم –عليه السلام- ويأجوج ومأجوج وثلاثة خسوف خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم. وفيه عن أبى هريرة قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم:ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا طلوع الشمس من مغربها والدجال ودابة الأرض ». قال تعالى: { يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً } الأنعام:158وعن أبى هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:بادروا بالأعمال ستا طلوع الشمس من مغربها أو الدخان أو الدجال أو الدابة أو خاصة أحدكم(يعني الموت) أو أمر العامة(يعني القيامة)رواه مسلم
عباد الله إن بين يدي الساعة فتنا عظيمة, منها فتنة مخيفة هي أعظم الفتن ليس فتنة صغيرة ولا كبيرة إلا تصغر أمامها، وما تكـون فتنة حتى تقوم الساعة أكبر من فتنتها. إنها فتنة المسـيح الدجال؛ (ونعوذ بالله من فتنة المسيح الدجال).
عباد الله لقد تواترت الأخبار، وتكاثرت الأحاديث في التحذير منه، وبيان أوصافه، وعظيم فتنته.إنه منبعُ الكفر والضلال، وينبوع الفتن والأوجال، أنذرت به الأنبياء أقوامها، وحذرت منه الرسل أممها، ونعتته بالنعوت الظاهرة، ووصفته بالأوصاف البينة، وحذَّر منه نبينا صلى الله عليه وسلم ، وذكر له نعوتاً وأوصافاً لا تخفى. فقد جاء في صحيح الإمام مسلم عن أبي قتادة قال قال صلى الله عليه وسلم: ( ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة خلق أكبر من الدجال ) وفي رواية: ( أمر أكبر من الدجال ) و في صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ( قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم ذكر الدجال، فقال: إني لأنذركموه، وما من نبي إلا أنذر قومه، ولكني سأقول لكم فيه قولاً لم يقله نبي لقومه: إنه أعور وإن الله ليس بأعور)
وفي صحيح مسلم عن النواس بن سمعان قال: ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الدجال ذات غداة فخفض فيه ورفع حتى ظنناه في طائفة النخل فلما رحنا إليه عرف ذلك فينا فقال: ما شأنكم ؟ قلنا يا رسول الله ذكرت الدجال غداة فخفضت فيه ورفعت حتى ظنناه في طائفة النخل. فقال :غير الدجال أخوفني عليكم إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم إنه شاب قطط( بِفَتْحِ الْقَاف وَالطَّاء أَيْ شَدِيد جُعُودَة الشَّعْر) عينه طافئة كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف إنه خارج خلة بين الشام والعراق فعاث يمينا وعاث شمالا يا عباد الله فاثبتوا ». قلنا يا رسول الله وما لبثه في الأرض قال « أربعون يوما يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم ». قلنا يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم قال:لا اقدروا له قدره. قلنا يارسول الله وما إسراعه في الأرض قال:كالغيث استدبرته الريح, فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له فيأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت فتروح عليهم سارحتهم أطول ماكانت ذرا وأسبغه ضروعا وأمده خواصر ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم ويمر بالخربة فيقول لها أخرجي كنوزك. فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل ثم يدعو رجلا ممتلئا شبابا فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه يضحك فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين واضعا كفيه على أجنحة ملكين إذا طأطأ رأسه قطر وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه فيطلبه حتى يدركه بباب لد فيقتله ثم يأتي عيسى ابن مريم قوم قد عصمهم الله منه فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى إني قد أخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور. ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها ويمر آخرهم فيقولون لقد كان بهذه مرة ماء. ويحصر نبي الله عيسى وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرا من مائة دينار لأحدكم اليوم فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل الله طيرا كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله ثم يرسل الله مطرا لا يكن منه بيت مدر ولا وبر فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة ثم يقال للأرض أنبتي ثمرتك وردى بركتك.
فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة ويستظلون بقحفها ويبارك في الرسل حتى أن اللقحة من الإبل لتكفى الفئام من الناس واللقحة من البقر لتكفى القبيلة من الناس واللقحة من الغنم لتكفى الفخذ من الناس فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحا طيبة فتأخذهم تحت آباطهم فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر فعليهم تقوم الساعة ».
عباد الله لقد جلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصاف المسيح الدجال نصحا للأمة وتحذيرا من خطره فعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إني قَدْ حَدَّثْتُكُمْ عَنِ الدَّجَّالِ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ لاَ تَعْقِلُوا إِنَّ مَسِيحَ الدَّجَّالِ رَجُلٌ قَصِيرٌ أَفْحَجُ (يعني يمشي مشية معيبة) جَعْدٌ (أي أن شعره ليس سبطاً وأملساً وإنما أجعد الشعر) أَعْوَرُ مَطْمُوسُ الْعَيْنِ لَيْسَ بِنَاتِئَةٍ وَلاَ جَحْرَاءَ فَإِنْ أُلْبِسَ عَلَيْكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ ».رواه ابوداود وعَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَا بُعِثَ نَبِيٌّ إِلاَّ أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الأَعْوَرَ الْكَذَّابَ أَلاَ إِنَّهُ أَعْوَرُ وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ وَإِنَّ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ كَافِرٌ.) رواه البخاري.وفي صحيح مسلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال يوم حذر الناس الدجال « إنه مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه من كره عمله أويقرؤه كل مؤمن ». وقال « تعلموا أنه لن يرى أحد منكم ربه عز وجل حتى يموت كل هذه الأوصاف حتى لا تضل الأمة، وأن تعرف صفة المسيح الدجال.
عباد الله وأما مكان خروج الدجال، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن الدجال يخرج من أرض بالشرق أو بالمشرق، يقال لها خراسان ، يتبعه أقوام كأن وجوههم المجان المطرّقة، أو المطرقة ) فخروجه من جهة المشرق،وقال صلى الله عليه وسلم: ( إنه خارج خلة بين الشام و العراق -موضع بين الشام و العراق – فعاث يميناً، وعاث شمالاً، يا عباد الله فاثبتوا ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( إن الدجال يخرج من قبل المشرق، من مدينة يقال لها خراسان ، يتبعه أقوام كأن وجوهم المجان المطرّقة ).
عباد الله لقد جعل الله لهذا الدجال إمكانات كثيرة وبسببها تحصل الفتنة فمن ذلك ما سبق في قوله صلى الله عليه وسلم: فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له فيأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرا وأسبغه ضروعا وأمده خواصر ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم ويمر بالخربة فيقول لها أخرجي كنوزك. فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل ثم يدعو رجلا ممتلئا شبابا فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه يضحك) ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: ( معه جنة ونار، فناره جنة، وجنته نار ) وقال صلى الله عليه وسلم: ( إن معه ماء وناراً، فناره ماء بارد، وماؤه نار ) وقال: ( لأنا بما مع الدجال أعلم منه، معه نهران يجريان أحدهما رأي العين، ماء أبيض، والآخر رأي العين نار تأجج، فإما أدركن أحد فليأت النهر الذي يراه ناراً ) وقال صلى الله عليه وسلم: ( فأما الذي يراه الناس ماء فنار تحرق، وأما الذي يراه الناس ناراً فماء بارد عذب، فمن أدرك ذلك منكم، فليقع في الذي يراه ناراً؛ فإنه ماء عذب طيب ) ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: ( يخرج الدجال ومعه نهر ونار، فمن دخل نهره؛ وجب وزره وحط أجره ومن دخل ناره؛ وجب أجره وحط وزره، ثم إنما هي قيام الساعة ).
وإن من فتنته ما رواه الإمام احمد وغيره (أنه يسلط على نفس واحدة فيقتلها فينشرها بالمنشار حتى تلقى شقين، ثم يقول الدجال للناس: انظروا إلى عبدي هذا، فإني أبعثه ثم يزعم أن له رباً غيري فيقول الخبيث: من ربك؟ فيقول: ربي الله وأنت عدو الله أنت الدجال و الله ما كنت قط أشد بصيرة بك مني اليوم) يقول أبو بكر بن العربي رحمه الله: الذي يظهر على يد الدجال من الآيات من إنزال المطر والخصب على من يصدِّقه، والجدب على من يكذِّبه، واتباع كنوز الأرض له، وما معه من جنة ونار ومياه وأنهار، يجري كل ذلك محنةً من الله واختباراً ليهلك المرتاب وينجو المتيقن، وذلك كله أمرٌ مخوفٌ ولهذا قال : ((لا فتنة أعظم من فتنة الدجال)) ، وكان يستعيذ منها في صلاته تشريعاً لأمته أ.هـ .
عباد الله لقد بين النبي عليه الصلاة والسلام أتباع الدجال، فقال صلى الله عليه وسلم: ( يتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفاً عليهم الطيالسة )رواه مسلم وقال عليه الصلاة والسلام:( أكثر أتباع الدجال اليهود والنساء ) رواه احمد .وقال عليه الصلاة والسلام: ( ينزل الدجال في هذه السَّبِخة بمر القناة -وادي قرب المدينة – فيكون أكثر من يخرج إليه النساء، حتى إن الرجل ليرجع إلى حميمه وإلى أمه وابنته وأخته وعمته فيوثقها رباطاً مخافة أن تخرج إليه ) .رواه احمد وقال الألباني: إسناده حسن لولا عنعنة محمد بن إسحاق.
عباد الله ولفشو الجهل في النساء، وغلبة العاطفة عليهن؛ فإنه يحدث منهن المخالفات الكثيرة، ولكن لا شك أنه سيصمد من النساء كثيرات.ممن حفظن حدود الله. وإذا كان أكثر أتباع الدجال من النساء فلا بد أن يكون لهن نصيب عظيم من الاهتمام والتربية والتوجيه.وحسن رعايتهن من قبل الأولياء.
عباد الله و أما مدة بقاء الدجال في الأرض فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم، لما سئل: ما لبثه في الأرض؟ قال: ( أربعون يوماً، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم ).
عباد الله أن الناس سيتفاوتون أمام هذه الفتنة العظيمة، فمنهم من يستطيع الوقوف أمام الدجال ومنهم من لا يستطيع، ولذلك يقول عليه الصلاة والسلام:( من سمع بالدجال فلينأ عنه فو الله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن، فيتبعه مما يبعث فيه من الشبهات )رواه ابوداود وصححه الألباني
الخطبة الثانية
عباد الله إن من رحمة الله بالعباد -وهو الرءوف الرحيم- أن جعل لهم أسبابا تنجيهم بإذن الله من هذه الفتنة العظيمة. فتنة المسيح الدجال.فمن ذلك ,الاستغاثة بالله عز وجل، يقول عليه الصلاة والسلام: ( فمن ابتلي بناره، فليستغث بالله )قال الحاكم. صحيح على شرط مسلم . ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: ( من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف، عصم من فتنة الدجال ) رواه مسلم ومن ذلك الفرار منه. قال عليه الصلاة والسلام: ( ليفرن الناس من الدجال في الجبال ).رواه مسلم و هذا يدل على أنه يجب على المسام الذي يريد حفظ دينه أن يبتعد عن الشبهات والشهوات.فيحذر من فضول النظر في القنوات والمواقع المشبوهة.والحذر الحذر من السفر الى بلاد الفساد والكفر. و من وسائل النجاة من فتنة المسيح الدجال ما ثبت في الصحيحين عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلاَةِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَفِتْنَةِ الممات) وقَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَعِيذُ فِي صَلاَتِهِ مِنْ فتنة الدجال)
وقد كان طاووس رحمه الله يأمر ولده بإعادة الصلاة إذا لم يستعذ بالله من هذه الأربع. ومن أسباب النجاة معرفة أسماء الله وصفاته؛ لأن الدجال أعور والله ليس بأعور،بل إن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، والله سبحانه وتعالى جميل يحب الجمال ليس فيه عيب، مقدس ومنزه عن العيوب والنقائص . ومن أسباب النجاة من فتنة الدجال أن يبين أمره للناس من جهة العلماء وطلبة العلم والخطباء والمدرسين والمدرسات. و قد ورد فيما صححه الهيثمي في المجمع قال صلى الله عليه وسلم : ( لا يخرج الدجال حتى يذهل الناس عن ذكره وحتى تترك الأئمة ذكره على المنابر) . فيظهر الدجال في وقت عم فيه الجهل، حتى إذا صار لا يذكر بفتنة الدجال على المنابر . قال الإمام السفاريني رحمه الله: ينبغي لكل عالم أن يبثَّ أحاديث الدجال بين الأولاد والنساء والرجال؛ قال: ولا سيما في هذا الزمان الذي اشرأبت فيه الفتن، وكثرت فيه المحن، واندرست فيه معالم السنن، وصارت السنن فيه كالبدع والبدعة شرعة تتبع .أ.هـ
عباد الله روى الإمام مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( يخرج الدجال، فيتوجه قبله رجل من المؤمنين، فتلقاه مسالح الدجال -أي: خفراء وحراس وأعوان الدجال فيمسكونه- فيقولون له أين تعمد؟ فيقول: أعمد إلى هذا الذي خرج، قال فيقولون له هؤلاء المسالح: أو ما تؤمن بربنا؟ فيقول: ما بربنا خفاء، فيقولون: اقتلوه، فيقول بعضهم لبعض: أليس قد نهاكم ربكم أن تقتلوا أحداً دونه؟ قال: فينطلقون به إلى الدجال.فإذا رآه المؤمن، قال: يا أيها الناس! هذا المسيح الدجال الذي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم.قال: فيأمر به الدجال فَيُشبَّحُ -أي: يمد ليضرب – فيقولوا: خذوه وشجوه، فيوسع ظهره وبطنه ضرباً. قال: فيقول: أو ما تؤمن بي؟ قال: فيقول: أنت المسيح الكذاب، قال: فيؤمر به فينشر بالمنشار من مفرقه حتى يُفرَّق بين رجليه، قال: ثم يمشي الدجال بين القطعتين. ثم يقول له: قم، فيستوي قائماً.ثم يقول له: أتؤمن بي؟ فيقول: ما ازددت فيك إلا بصيرة.قال: ثم يقول: يا أيها الناس! إنه لا يفعل بأحد بعدي من الناس –أي لا يسلط- قال: فيأخذه الدجال ليذبحه، فيُجعل ما بين رقبته إلى ترقوته نُحاساً فلا يستطيع إليه سبيلاً.قال: فيأخذ برجليه ويديه فيقذف به إلى النار التي معه، فيحسب الناس أنما قذفه إلى النار، وإنما ألقي به في الجنة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا أعظم الناس شهادة عند رب العالمين ) وانما كان أعظم شهادة لأنه شهد شهادة الحق رغم كل ما تعرض له.وهذا يدل على وجوب الوقوف أمام الأفكار المنحرفة وبيان فسادها وتحذير الناس منها ومحاجة أهلها بالحجة والبيان.( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) اللهم..