السلام عليكم يا شيخ : أنا رجل أفعل الزنا وبعد الفعل أندم ثم أغتسل ثم أقول الشهادة كاملة وأحافظ على صلاتي وأستغفر الله كثيرا… وهكذا أفعل دائما كلما فعلت الزنا .. ماذا تنصحني ياشيخ؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد فأسأل الله أن يعصمك من الزلل وأن يطهر قلبك وأن يحبب إليك الإيمان ويزينه في قلبك ويكره إليك الكفر والفسوق والعصيان ويجعلك من الراشدين. ولتعلم أن كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون. والإحساس بالذنب نعمة. فبادر بالتوبة النصوح استجابة لله. قال الله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ) وليس هناك حاجة للشهادة عند التوبة. فالتوبة النصوح هي التي يقلع العبد فيها عن الذنب مع الندم والعزم على عدم العودة. ولتعلم إن لذة التوبة وفرحتها يزيد على لذة المعصية وفرحتها أضعافا مضاعفة. وقد تبين لي من رسالتك أن فيك الخير الكثير, فاحمد الله على ذلك. فالله يقول: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ) ومما يعينك على الإقلاع عن الفاحشة أن تتذكر زوجتك وبناتك وأخواتك , فهل ترضى لهن هذه الرذيلة التي حرمها الله في جميع الشرائع ؟. فأنا أعلم انك لا ترضى لهن بهذا .فاحذر . فكما تدين تدان. قال الإمام الشافعي رحمه الله: عفوا تعف نساؤكم في المحرم … وتجنبوا ما لا يليق بمسلم إن الزنا دين فإن أقرضته … كان الوفا من أهل بيتك فاعلم وتذكر غيرة الله فإِنَّ اللَّهَ يَغَارُ وَغَيْرَةُ اللهِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ اللَّه. وتذكر مراقبة الله واطلاعه عليك فلا تجعله سبحانه أهون الناظرين إليك. وتذكر قول الله تعالى:(وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا) وقوله سبحانه: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا). وأذكرك برؤيا النبي صلى الله عليه وسلم حيث قَالَ:…. أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ ، وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي ، وَإِنَّهُمَا قَالاَ لِي : انْطَلِقْ ، وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا..ومما رأى في تلك الليلة قال : فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ ، ـ قَالَ : فَأَحْسِبُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ ـ قَالَ : فَاطَّلَعْنَا فِيهِ ، فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ ، وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا ، قَالَ : قُلْتُ لَهُمَا : مَا هَؤُلاَءِ ؟ قَالَ : قَالاَ لِي : انْطَلِقِ انْطَلِقْ ، قَالَ : فَانْطَلَقْنَا….ثم اخبروه فقالوا: وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ ، فَإِنَّهُمْ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي). وتذكر آثار الذنوب والمعاصي وشؤمها على الفرد والمجتمع .قال تعالى:(ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) وقال حبيبك محمد صلى الله عليه وسلم:( وَلاَ فَشَتِ الْفَاحِشَةُ في قَوْمٍ إِلاَّ أَخَذَهُمُ اللَّهُ بِالْمَوْتِ).وأنت تشاهد الموت الذريع أمراض فتاكة وحوادث مروعة. وأن مما يعصمك – بإذن الله – من هذا الشر العظيم المحافظة على الصلاة مع الجماعة وكثرة النوافل . فقد قال ربك سبحانه : (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) وقال صلى الله عليه وسلم:مَنْ حَافَظَ عَلَى الصَّلاةِ كَانَتْ لَهُ نُورًا وَبُرْهَانًا ، وَنَجَاةً مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ..). ثم بادر بالزواج بمن تملأ عينك وقلبك , وأكثر من الصيام. قال صلى الله عليه وسلم: يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ). وعليك بكف بصرك عن مشاهدة ما يثيرك من صور النساء في الأسواق والأفلام والمجلات, فالنظر سهم مسموم من سهام إبليس قال تعالى:(قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم) ومن أطلق بصره بالحرام تعلق قلبه. فلا يملك نفسه أن يندفع إلى البحث عن قضاء شهوته، بالحرام . و الله سبحانه تعالى- جعل العين مرآة القلب، فإذا غض العبد بصره غض القلب شهوته، وإذا أطلق العبد بصره أطلق القلب شهوته، فالنظرة تزرع في القلب الشهوة، لذلك أمر الله -سبحانه وتعالى- بغض الأبصار قبل حفظ الفروج و قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (والعَيْنُ تَزْنِي وَزِنَاها النَّظر) و إطلاق النظر في النساء سبب رئيسي في إعاقة سير العبد إلى ربه جل وعلا ، واشتغاله عما خلق له من عبادة الله ، بل قد يتعدى ذلك إلى الخروج من دين الله عز وجل والردة عن الإسلام والعياذ بالله كما حصل لبعض الذين أطلقوا أبصارهم في الحرام. واحذر الهاتف والمكالمات المشبوهة فالله يقول: (لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا * وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا). وأنصحك أن تلزم رفقة صالحة تعينك على الطاعة وتحذرك من المعصية فقد شبه النبي صلى الله عليه وسلم الجليس السوء بنافخ الكير فضرره محقق إما أن يحرق ثيابك أو أن تجد منه ريحا خبيثة .أما الجليس الصالح فلن تعدم منه الخير ولو نصيحة وسمعة حسنة.قال تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا). ولتعلم أننا في أعقاب الزمن وقرب نهاية الدنيا فعجل المتاب. وقد صح أن العلم تعفو رسومه ويفشو الزنا والجهل والخمر يشرب وتلك أمـارات يــــدل ظهـــــورهــــا علــــى أن أهــوال القيـــامــــة أقــــرب **************** وأخيرا :إذا لم يكن عون من الله للفتى فأول ما يجني عليه اجتهاده فاستعن بالله وأسأله العافية, فالله قريب ممن دعاه ورجاه , فألح بالدعاء والتضرع في سجودك وخلواتك. قال تعالى : (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ).وقال سبحانه : (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) أسعدك الله في الدارين.وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. أخوك / عبدالرحمن بن صالح المزيني أبها – قمة مرتفعات السودة 17/شعبان 1431هـ