الشيخ عبدالرحمن المزيني

توجيهات للعروسين

1/4/2015

المؤلف : الشيخ عبدالرحمن بن صالح المزيني

المؤهل العلمي: دكتوراه في العقيدة

تحميل المقالة

تفاصيل المقالة

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم   وبعد

فهذه إرشادات وإشارات  ( للمتزوجين قريباً ) دفعني إلى كتابتها النصح لإخواني المسلمين والحرص على سلامة بيت الزوجية من التصدع.

 

فأهنئ كل عروسين وأسأل الله  لهما التوفيق والسعادة وأن يجعل منهما أسرة مباركة وذرية صالحة: فبارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير.

 

احمدا الله على ما منّ به عليكما من هذه النعمة فكم ممن يتمنى هذه النعمة فبالشكر تدوم النعم قال جل وعلا:﴿وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم﴾ .

 

 الزواج سكن وطمأنينة ورحمة ومودة.﴿ ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون﴾.

 

لا تظنا الزواج متعة جنسية فحسب.. بل هو سكن ومودة ورحمة وتكافل وبناء أسرة وتنشئة أجيال وهو أفضل من نوافل العبادات لمن احتاج إليه .

 

اعلما أن المعاصي سبب كل بلاء والطاعة سبب كل خير فاحذرا الذنوب .وطيبا حياتكما بالصالحات ﴿وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير﴾ .

ربما وجد أحد الزوجين صاحبه اعتاد معصية (كتهاون في صلاة أو لباس أو سماع أو مشاهدة) فأوصي:بالضراعة إلى الله أولاً وعدم التساهل أو التأخير واستخدام اسلوب الحوار والإقناع واستغلال الود والعواطف وبيان عظمة الله والتحذير من شؤم الذنوب على الحياة الزوجية.      

إذا كنت في نعمة فارعها***فإنَّ المعاصي تزيل النَّعَم

 

ربما وجد أحد الزوجين الآخر على طبع أو سلوك أو عادة غير محمودة فأنصح بعدم التغافل وليتحرى اللباقة واللطف وعدم المواجهة.

فكن لبقا تختار قولك متقنا**تصيب  القلوب ولا تسيء وتغلط

 

الزواج عبادة بل من أفضل الطاعات لما فيه من تحصين الفروج وغض الأبصار وتكثير الأمة فقد جاء في الصحيح ( وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني).

 

الجماع والاستمتاع بين الزوجين عبادة يؤجران عليها إذا صحت منهما النية قال صلى الله عليه وسلم : ( وفي بضع أحدكم صدقة ) .

 

ليعرف كل واحد من الزوجين ماله وما عليه حتى تسير الحياة بعيداً عن المنغصات : ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بالمعروف ﴾ .

 

من خطبة عرفة :(فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه).

 

  لتعلم المرأة أن أعظم ما يقصُر نظر الزوج عليها عنايتها بجمالها ولباسها وأناقتها لزوجها وكذا يجب على الزوج .مع الحذر مما فيه محذور .

 

  اعلما أنه لا يخلو بيت من مشاكل  فهي كما قيل:كالملح في الطعام إن قل فسد وإن زاد فسد  فإن بيت النبي عليه السلام  ماخلا من ذلك.

 

أيها الزوج الكريم:لا تجعل النصوص الشرعية سوطا على المرأة فلها ظروفها الخاصة فالشرع  قد عذرها. فاعذرها!!

 

 ليحذر الزوجان من تصدير مشاكل البيت إلى الخارج قدر المستطاع ، فإن كان لابد فإلى من يُرجى منه الإصلاح .

 

 التعامل الصحيح من الزوجين مع أخطاء الآخر كفيل بإذن الله بتلافيها.

 

مما يديم العشرة التغافل عن الزلات .قال بعض السلف: المروءة التغافل عن زلل الإخوان

 ليس الغبي بسيد في قومه...لكن سيد قومه المتغابي .

 

أيها الزوجان الرفق الرفق قال عليه الصلاة والسلام : إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه). وإذا أراد الله عز و جل بأهل بيت خيرا أدخل عليهم الرفق .

 

أيها الزوجان مما يقلق الآخر ويفقد  أويزعزع  الثقة بينكما أن يعثر أحدكما على كذبة من الآخر فالكذب مذموم شرعا وطبعا.

 

المثالية في الزوجين أمر عزيز ومن طلبه تعب وأتعب ولكن القناعة كنز لا يفنى.

 

أيها الزوجان الكريمان: لا تنشغلا بنظر الآخرين وأذواقهم على حساب ما يسعدكما .

 

من آثار طول فترة الملكة (المثالية الزائدة) فكل منهما  لا يرى  في هذه الفترة من الآخر إلا الجميل مما يكون له الأثر العكسي عليهما بعد ذلك.

 

  مما يعين على دوام العشرة هو إصلاح الحال وغض الطرف عن الأخطاء ففي الصحيح(لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر).

 

الزواج ميثاق بين الزوجين فليبذل كل واحد منهما قصارى جهده لاستمرار هذا الميثاق والبحث عن أسباب دوامه..  ولا تغفلا عن الدعاء.

 

من  طمأنينة المرأة أن تكون تحت ظل رجل قوي فالزوج الضعيف محتقر عند الزوجة وعند غيرها(الرجال قوامون على النساء).

 

مما يزيد الألفة ويديم العشرة تقليل المرأة الخروج من البيت  بقدر المستطاع فإذا استغنت عن الو ضيفة والخروج كان ذلك أولى حتى تكون سكنا لزوجها.

 

قد يجامل أحد الزوجين الآخر ويتغاضى عن سلوك مشين أو عادة سيئة فلا يلزم من ذلك الرضى فليتخلص الزوجان من كل طبع أو عادة أو سلوك مشين.

 

أيها الزوجان اعلما أن القوة في طالب الحقوق لا تجدي شيئا بل تولد نفرة وتوترا فلينا وتطاوعا ولا تختلفا.

 

لا تعتبر أيها الزوج أخذك الحق من الزوجة انتصارا عليها بل هو عرفان منها لك بالجميل الذي تستحقه !وأنتِ كذلك, وبذا تصفو الحياة

 

على الزوجة أن تشجع زوجها على التمسك بالدين فإن ذلك ينعكس على سلوكه معها فالصالح إذا أحبها أكرمها وإن كرهها لم يظلمها,وكذا أنت أيها الزوج.

 

أيها الزوجان من كان منكما على خير قبل الزواج:من علم أو دعوة أو عبادة فليواصل... فقد تزوجت على ما أسلفت من خير.

 

إذا ساء  خلق صاحبك تجاهك ففتش عن ذنوبك قال بعض السلف:إني لأجد أثر معصيتي في خلق دابتي وزوجتي.

 

 من المحبوبات الرائحة الطيبة : فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره أن توجد منه رائحة كريهة. وكان إذا دخل بيته بدأ بالسواك. فلنا به أسوة.

 

مما تنتظره المرأة من زوجها كلمات الشكر والثناء عند الإحسان فأثرها أعظم  من الماديات خصوصا إذا كانت معطرة بدعوات صادقة.

 

أيها الزوجان عليكما بترشيد استخدام (النت )وليكن في وقت محدد مناسب وحبذا أن تكونا جميعا حتى لا يطغى على الحقوق وتتولد المشاكل.

 

احذرا وسائل التواصل الحديثة بجميع أشكالها  فلها أثر في هدّ البنيان وهتك الأستار وهدر الأزمان وقلّة الحياء.

 

مما ينبه إليه ما جدّ على الزوجين من أمر الطهارة  فهذه جملة مما يتعلق بها (إذا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان فقد وجب الغسل)

 

صفة غسل النبي:غسل يديه وتوضأ وضوءه للصلاة ثم اغتسل ثم يخلل بيده شعره حتى إذا ظن أن قد أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات ثم غسل سائر جسده.

 

قالت عائشة:كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد نغرف منه جميعا.

 

قالت عائشة: لقد كنت أغتسل أنا ورسول الله عليه السلام من إناء واحد ولا أزيد على أن أفرغ على رأسي ثلاث إفراغات.

 

كان النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ ثلاثة أكف ويفيضها على رأسه ثم يفيض على سائر جسده.

 

سئل عليه السلام: أيرقد أحدنا وهو جنب؟ قال نعم إذا توضأ أحدكم فليرقد وهو جنب.

 

احذرا الوسوسة في الطهارة فالأصل بقاء الطهارة ولست مطالبا بالبحث والتحسس ,فقد شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يجد في الصلاة شيئا أيقطع الصلاة قال : لا حتى يسمع صوتا ، أو يجد ريحا.

 

لكل من الزوجين الاستمتاع بالآخر بما شاء حاشا الجماع في الحيض والنفاس والدبر(نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم).

 

(ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ..).

 

من الكبائر الجماع في نهار رمضان لمن لزمه الصيام وفيه كفارة مغلظة  والزوجة كذلك إذا طاوعت.

 

 احذرا إفشاء الأسرار الزوجية قال عليه السلام:(إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضى إلى امرأته وتفضى إليه ثم ينشر سرها).

 

من تعاليم الإسلام ومفاخر العرب الغيرة على الأعراض

أصون عرضي بمالي لا أدنسه..لا بارك الله بعد العرض في المال.

 

  ليعلم أن الغيرة المحمودة لا تحمل أحدا من الزوجين على الشكوك والتجسس و تتبع الماضي. بل الأصل العفة .

 

احذرا الإسراف في حفل الزواج ﴿ وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ﴾ .

 

"‌خَيْرُ ‌النِّكَاحِ أَيْسَرُهُ" وهذا اليسر شامل ليسر المهر ويسر الحفل ويسر النفقة  والخطبة والقبول.

 

 

احذروا التشبه بالكفار في طريقة الحفل واللباس وغير ذلك قال عليه السلام:(ومن تشبه بقوم فهو منهم ) رواه أحمد واستشهد به البخاري.

 

 احذرا ثم احذرا التصوير رجالا ونساء بجميع أنواعه فكم من بيت تصدع بنيانه بسبب التصوير ولا غرابة فالتصوير كبيرة من كبائر الذنوب.

 

المصورون:

أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون

كل مصور في النار

يجعل له بكل صورة صورها نفسا يعذب بها

يكلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ .

 

في صحيح  مسلم أن علياً قال:(ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله ألا تدع صورة إلا طمستها )فلنطمسها استجابة له عليه السلام.

 

لا بأس بسفر الزوجين للسياحة والنزهة...مع الحذر من السفر إلى بلاد الكفار والانحلال والتبرج ولو كانت إسلامية أو عربية .

 

قال الشيخ ابن باز رحمه الله: وقد كتبنا وحذرنا غير مرة من السفر إلى الخارج وبينا أخطار ذلك.

 

من بركة الزواج يسر النفقات في المهر والحفل والسفر والطعام واللباس . فبقناعتها لا تكلف زوجها ما لا يحتمله «أعظم النساء بركة ‌أيسرهن مؤنة».

 

احذرا ارتياد أماكن الفساد واللهو قال ابن تيمية : (ليس للإنسان أن يحضر الأماكن التي يشهد فيها المنكرات ولا يمكنه الإنكار إلا لموجب شرعي.

 

 أيها الزوجان راقبا الله في حلكم وترحالكم:﴿ ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم﴾.

 

مما يزيد المحبة بين الزوجين احترام كل واحد منهما أهل الآخر .

 

على الزوجة إذا وجدت من زوجها حباً ودلالاً , أن تشكر الله وأن تبادله ذلك, ولتحذر  من الاستغلال والغرور .( لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)

 

يجب على كل واحد من الزوجين أن يعين صاحبه على البر بوالديه فإن الجزاء من جنس العمل وكما تدين تدان.

 

أيها الزوجة إن أمّ الزوج ليست شبحا مخيفا في عالم الزواج  بل هي أمّ مشفقة فلا تجعليها عدوا بل تعاملي معها بلطف وتقدير وأكسبي ودّها.

 

  البيت محل الأنس والتقارب بين الزوجين فليكن طاهراً من آلات اللهو والصور فإن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة .

 

قال النووي:فعوقب متخذها(الكلب والصور) بحرمانه دخول الملائكة بيته وصلاتها فيه واستغفارها له وتبريكها عليه وفي بيته ودفعها أذى للشيطان...

 

الذين لا يدخلون بيتا فيه كلب أو صورة هم ملائكة يطوفون بالرحمة والتبريك والاستغفار وأما الحفظة فيدخلون في كل بيت ولا يفارقون بني آدم..

 

من البدع اعتقاد أن العمرة في أول أيام الزواج من مكملات الزواج ولوازمه.

 

ليعلم الزوجان أن الإحرام بالعمرة معناه الدخول في محظورات الإحرام ومنها الجماع وجميع مقدماته من مباشرة وتقبيل ونحوه.

 

لما يقع من المخالفات في الإحرام بالعمرة من حديثي الزواج أقترح  تأخير العمرة عن أيام نشوة الزواج.. أو دخول مكة بلا إحرام إلا من يملك إربه.

 

اعلما أن من أعظم مقاصد الزواج الذرية الصالحة وهي من أعظم ما يثبت هذا البناء.فلا يغركم من يطالب بتأخير الإنجاب.

 

قال عليه السلام:لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فقضي بينهما ولد لم يضره الشيطان.

 

الله حكيم عليم ومن حكمه مشروعية الطلاق  وهو من أبغض ما أحل الله  ومع ذلك قال تعالى : (وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما ﴾.

 

 ربما أحس الزوجان أو أحدهما بعد الزواج بضيق في الصدر أو نفرة من الآخر  فأقول : ربما كان الأمر طبيعيا بسبب التغيرات الجديدة

 .. وهو الغالب وربما كان بسبب آخر ، فعلى المبتلى التضرع إلى الله والحرص على كثرة قراءة القرآن (الرقية) .

 

الطلاق ليس هو العلاج لكل المشاكل بل قبله حلول كثيرة لحل النزاعات الأسرية فهو آخر الدواء فالحذر من الاستعجال وقديما قيل: (العجلة أم الندامة). 

 

الطلاق الشرعي هو: طلقة واحدة في طهر لم يقع فيه جماع ومع ذلك تبقى المرأة في بيت زوجها حتى انقضاء العدة بل يحرم إخراجها أو خروجها.

ليعلم أن الطلاق في الحيض والنفاس والطهر الذي وقع فيه جماع محرم وقد اختلف العلماء في وقوعه.

 

ليعلم أن إلقاء الطلاق الثلاث جميعاً من البدع المنكرة  وتعجيل لما جعل الله للزوج من أناة فاحذر فإن أكثر العلماء يوقعونه ثلاثا .

 

ليعلم أن أمر الطلاق عظيم ولهذا صار هزله جدا فلا مزاح في الطلاق وليس سوطاً لتهديد المرأة .

 

احذر أيها الزوج من الحلف بالطلاق فان أكثر العلماء يرونه طلاقا عند الحنث .

 

إذا وقع الطلاق لا قدر الله فليحذر كل من الزوجان  الوقوع في عرض الآخر فإن ذلك من علامات النفاق.

 

 أيها الزوجان هذا يوم اجتماعكما على الخير في هذه الدنيا فحري أن تذكرا فيه يوم رحيلكما من الدنيا(كل من عليها فان ) .

 

أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن ينفعكما بهذه الإشارات .وأن يجعل زواجكما مباركا.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

                                                                                                                   محبكم /د.عبد الرحمن بن صالح المزيني

المشرف العام على موقع رياض الإسلام

almuzaini.a@gmail.com

جمادى الآخرة 1433هـ .

 

تم المراجعة الاحد 22 شوال 1446هـ