الشيخ عبدالرحمن المزيني

توجيهات نبوية لحفظ البيوت

9/26/2019

المؤلف : الشيخ عبدالرحمن بن صالح المزيني

المؤهل العلمي: دكتوراه في العقيدة

تحميل المقالة

تفاصيل المقالة

توجيهات نبوية لحفظ البيوت بصيغة pdf

توجيهات نبوية لحفظ البيوت

بسم الله الرحمن الرحيم

وبعد فهذا تعليق يسير على حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه في حفظ البيوت وأهلها .

قال الإمام البخاري  في صحيحه : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ  ، أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ  أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ  قَالَ : أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ  أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ  ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ :

قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ  أَوْ أَمْسَيْتُمْ  - فَكُفُّوا  صِبْيَانَكُمْ

 قوله عليه الصلاة والسلام (جُنْحُ اللَّيْلِ) :قال في الفتح:وهو بضم الجيم وبكسرها والمعنى إقباله بعد غروب الشمس .

 قوله عليه الصلاة والسلام (أَوْ أَمْسَيْتُمْ) :قال العيني: أي دخلتم في المساء.قال ابن تيمية: والليل مظلم تنتشر فيه شياطين الإنس والجن ما لا تنتشر بالنهار ويجري فيه من أنواع الشر ما لا يجري بالنهار من أنواع الكفر والفسوق والعصيان والسحر والسرقة والخيانة والفواحش وغير ذلك فالشر دائما مقرون بالظلمة ولهذا إنما جعله الله لسكون الآدميين وراحتهم لكن شياطين الإنس والجن تفعل فيه من الشر ما لا يمكنها فعله بالنهار.

 قوله عليه الصلاة والسلام (فَكُفُّوا) :قال العيني: أي امنعوهم من الخروج في هذا الوقت أي يخاف عليهم حينئذ لكثرة الشياطين وإيذائهم وقال ابن بطال: خشي على الصبيان عند انتشار الجن أن تلم بهم فتصرعهم فإن الشيطان قد أعطاه الله تعالى قوة عليه وأعلمنا رسول الله أن التعرض للفتن مما لا ينبغي وأن الاحتراس منها أحزم على أن ذلك الاحتراس لا يرد قدرا ولكن ليبلغ النفس عذرها ولئلا يتسبب له الشيطان إلى لوم نفسه في التقصير.أ.هـ وفي هذا رد على من زعم أن الشيطان لا يقدر على صرع الإنسان.قال تعالى: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ)

قوله (صبيانكم): قال في فيض القدير: جمع صبي قال في الصحاح وهو الغلام والجارية صبية والجمع صبايا انتهى والمراد هنا الصغير ذكرا كان أو أنثى كما يشير إليه التعليل الآتي أي امنعوهم من الخروج من البيوت وفي رواية اكفتوا صبيانكم أي ضموهم.و قال في الفتح: قال بن الجوزي: إنما خيف على الصبيان في تلك الساعة لأن النجاسة التي تلوذ بها الشياطين موجودة معهم غالبا والذكر الذي يحرز منهم مفقود من الصبيان غالبا والشياطين عند انتشارهم يتعلقون بما يمكنهم التعلق به فلذلك خيف على الصبيان في ذلك الوقت والحكمة في انتشارهم حينئذ أن حركتهم في الليل أمكن منها لهم في النهار لأن الظلام أجمع للقوى الشيطانية من غيره.أ.هـ وهو عام في الصبيان وغيرهم  من المواشي ونحوها.قال النووي... قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا ترسلوا فواشيكم وصبيانكم إذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء ) قال أهل اللغة : ( الفواشي ) كل منتشر من المال كالإبل والغنم وسائر البهائم وغيرها ، وهي جمع فاشية ؛ لأنها تفشو ، أي : تنتشر في الأرض ، وفحمة العشاء ظلمتها وسوادها ، وفسرها بعضهم هنا بإقباله وأول ظلامه ، وكذا ذكره صاحب نهاية الغريب ، قال : ويقال للظلمة التي بين صلاتي المغرب والعشاء : الفحمة ، وللتي بين العشاء والفجر العسعسة .

فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ  تَنْتَشِرُ  حِينَئِذٍ فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ  فَحُلُّوهُمْ

  قوله (الشياطين):قال في المفهم: جمع شيطان ، وهو المارد من الجن ، الكثير الشر . وهل هو مأخوذ من : شَطَنَ ؛ أي : بَعُدَ عن الخير والرحمة ، أو من : شَاطَ يَشِيطُ ، إذا احتدَّ واحترق غيظًا ؟ اختلف فيه النحويون ؛ وعلى الأول : فالنُّونُ أصلية ، فيُنْصَرفُ وَاحِدُهُ ، وعلى الثاني : فهي غير أصلية فلا ينْصَرِف .  

 قوله (تَنْتَشِر):   (تَنْتَشِر): قال في فيض القدير شرح الجامع الصغير: تنتشر (فيها الشياطين) أي مردة الجن فإن أول الليل محل تصرفهم وحركتهم في أول انتشارهم أشد اضطرابا.وقال ابن الجوزي :  ... والسواد أجمع للقسوة الشيطانية من غيره والجن تكره النور وتتشاءم به وإن كانت خلقت من نار وهي ضياء لكن الله تعالى أظلم قلوبها وخلق الآدمي من طين ونور قلبه فهو محب للنور بالطبع وكل جنس يميل إلى ما يروحه من جنسه.

 قوله (فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ) :قال في فيض القدير: المراد هنا أول ساعة من الليل كما يدل له قوله (فإنها ساعة  تخترق) بمعجمات وراء : تنتشر.أ.هـ وفي المسند عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : (احبسوا صبيانكم حتى تذهب فوعة العشاء فإنها ساعة تخترق فيها الشياطين).ورقمه 14834وقال المحقق إسناده صحيح.

 قوله (فَحُلُّوهُمْ):  قال العيني: فحلوهم بضم الحاء المهملة وقال الكرماني فحلوهم بإعجام الخاء.وقال في فيض القدير: (فحلوهم) بحاء مهملة مضمومة في صحيح البخاري وفي رواية له أيضا بخاء معجمة مفتوحة وحكي ضمها أي فلا تمنعوهم من الخروج والدخول.

 

فَأَغْلِقُوا  الأَبْوَابَ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ  فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا  وَأَوْكُوا    قِرَبَكُمْ  وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ وَخَمِّرُوا  آنِيَتَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ

قوله (أَغْلِقُوا): قال في الفتح:قال بن دقيق العيد: في الأمر بإغلاق الأبواب من المصالح الدينية والدنيوية حراسة الأنفس والأموال من أهل العبث والفساد ولا سيما الشياطين.وقال في المنتقى شرح الموطأ: أغلقوا الباب يحتمل أن يريد - والله أعلم - بالليل إذا نمتم وقد روي في حديث جابر بن عبد الله قال النبي صلى الله عليه وسلم أطفئوا المصابيح بالليل إذا رقدتم وأغلقوا الأبواب وأوكئوا الأسقية ، أو خمروا الطعام والشراب فأمر بإطفاء المصابيح عند الرقاد بليل وعطف على ذلك غلق الأبواب وغيرها فالظاهر منه ما قدمناه ، والله أعلم وأحكم ، ويحتمل أن يريد سائر الأوقات على ما يريد الناس حفظه من الأموال والطعام وغير ذلك فإنه أحرز لما يراد حفظه.قال النووي: الذي قاله أبو حميد من تخصيصهما بالليل ، ليس في اللفظ ما يدل عليه ، والمختار عند الأكثرين من الأصوليين وهو مذهب الشافعي وغيره رضي الله عنهم : أن تفسير الصحابي إذا كان خلاف ظاهر اللفظ ليس بحجة ، ولا يلزم غيره من المجتهدين موافقته على تفسيره ، وأما إذا لم يكن في ظاهر الحديث ما يخالفه بأن كان مجملا فيرجع إلى تأويله ، ويجب الحمل عليه ؛ لأنه إذا كان مجملا لا يحل له حمله على شيء إلا بتوقيف ، وكذا لا يجوز تخصيص العموم بمذهب الراوي عند الشافعي والأكثرين . والأمر بتغطية الإناء عام فلا يقبل تخصيصه بمذهب الراوي ، بل يتمسك بالعموم .

قوله (وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ) :قال الزرقاني في شرح الموطأ: واذكروا اسم الله أي لمنع الشيطان واحترازا من الوباء الذي ينزل في ليلة من السنة .

 قوله (فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا):   قال ابن بطال: إن الشيطان لا يفتح غلقا  فهو إعلام من النبي أن الله لم يعطه قوة على هذا، وإن كان قد أعطاه ما هو أكثر منه، وهو الولوج حيث لا يلج الإنسان. حفظه من الأموال والطعام وغير ذلك فإنه أحرز لما يراد حفظه.وقال البغوي في شرح السنة: فإن الشيطان لا يفتح بابا إذا أجيف ، وذكر اسم الله عليه.أ.هـ وقال في فيض القدير شرح الجامع الصغير: (فإنهم) يعني الشياطين ، ولم يذكروا استهجانا لذكرهم ومبالغة في تحقيرهم وذمهم (لم يؤذن لهم) ببناء يؤذن للمفعول والفاعل الله (بالتسور) أي التسلق (عليكم) أي لم يجعل الله تعالى لهم قدرة على ذلك أي إذا ذكر اسم الله تعالى عند كل ما ذكر لخبر أبي داود واذكروا اسم الله فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا قال ابن العربي : وهذا من القدرة التي لا يؤمن بها إلا الموحد وهو أن يكون الشيطان يتصرف في الأمور الغريبة ويتولج في المسام الضيقة فيعجز عن ذلك والأمر للإرشاد على ما قاله النووي وقال غيره للندب وقال ابن دقيق العبد والخبر يدل على منع دخول الشيطان الخارج لا الداخل قال واستنبط منه مشروعية غلق الفم عند التثاؤب لدخوله في الأبواب مجازا.

قوله (قِرَبَكُمْ): وعاء الماء وهي الأسقية والقربة قد تكون كبيرة وقد تكون صغيرة والسقاء لا يكون إلا صغيرا.

قوله (وَخَمِّرُوا): التخمير التغطية والستر. وفي مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (غَطُّوا الإِنَاءَ وَأَوْكُوا السِّقَاءَ فَإِنَّ في السَّنَةِ لَيْلَةً يَنْزِلُ فِيهَا وَبَاءٌ لاَ يَمُرُّ بِإِنَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ غِطَاءٌ أَوْ سِقَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ وِكَاءٌ إِلاَّ نَزَلَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَبَاءِ ). قال الليث بن سعد - وهو راوي الحديث -: والأعاجم يتقون ذلك في كانون الأول. وهذا التاريخ لا يعمل به، بل الإنسان يوكي ويغطي طول السنة، ولا ينظر إلى الذي عند الأعاجم ويفعله في شهر من الشهور ويتركه في باقي الشهور . قال النووي: قوله صلى الله عليه وسلم : ( ولو تعرض عليه عودا )المشهور في ضبطه ( تعرض ) بفتح التاء وضم الراء ، وهكذا قال الأصمعي والجمهور ، ورواه أبو عبيد بكسر الراء ، والصحيح الأول ، ومعناه : تمده عليه عرضا أي : خلاف الطول ، وهذا عند عدم ما يغطيه به ، كما ذكره في الرواية بعده : ( إن لم يجد أحدكم إلا أن يعرض على إنائه عودا و يذكر اسم الله فليفعل) فهذا ظاهر في أنه إنما يقتصر على العود عند عدم ما يغطيه به ، وذكر العلماء للأمر بالتغطية فوائد : منها الفائدتان اللتان وردتا في هذه الأحاديث ، وهما : صيانته من الشيطان فإن الشيطان لا يكشف غطاء ، ولا يحل سقاء ، وصيانته من الوباء الذي ينزل في ليلة من السنة . والفائدة الثالثة : صيانته من النجاسة والمقذرات . والرابعة : من الحشرات والهوام ، فربما وقع شيء منها فيه فشربه وهو غافل ، أو في الليل فيتضرر به . والله أعلم  .

 

وَلَوْ أَنْ تَعْرُضُوا  عَلَيْهَا شَيْئًا وَأَطْفِئُوا  مَصَابِيحَكُمْ .

 قوله (ولو أن تعرضوا): قال العيني: بضم الراء وكسرها أي إن لم يتيسر التغطية بكمالها فلا أقل من وضع عود على عرض الإناء وجواب لو محذوف نحو لكان كافيا .

فائدة: قال في الفتح: حديث أبي موسى (احترق بيت بالمدينة على أهله) لم أقف على تسميتهم قال بن دقيق العيد يؤخذ من حديث أبي موسى سبب الأمر في حديث جابر بإطفاء المصابيح وهو فن حسن غريب ولو تتبع لحصل منه فوائد. وقال: قال القرطبي في هذه الأحاديث أن الواحد إذا بات ببيت ليس فيه غيره وفيه نار فعليه أن يطفئها قبل نومه أو يفعل بها ما يؤمن معه الاحتراق وكذا إن كان في البيت جماعة فإنه يتعين على بعضهم وأحقهم بذلك آخرهم نوما فمن فرط في ذلك كان للسنة مخالفا ولأدائها تاركا ثم اخرج الحديث الذي أخرجه أبو داود وصححه بن حبان والحاكم من طريق عكرمة عن بن عباس قال جاءت فأرة فجرت الفتيلة فألقتها بين يدي النبي صلى الله عليه و سلم على الخمرة التي كان قاعدا عليها فأحرقت منها مثل موضع الدرهم فقال النبي صلى الله عليه و سلم إذا نمتم فأطفئوا سراجكم فان الشيطان يدل مثل هذه على هذا فيحرقكم وفي هذا الحديث بيان سبب الأمر أيضا وبيان الحامل للفويسقة وهي الفأرة على جر الفتيلة وهو الشيطان فيستعين وهو عدو الإنسان عليه بعدو آخر وهي النار أعاذنا الله بكرمه من كيد الأعداء انه رءوف رحيم وقال بن دقيق العيد إذا كانت العلة في إطفاء السراج الحذر من جر الفويسقة الفتيلة فمقتضاه أن السراج إذا كان على هيئة لا تصل إليها الفأرة لا يمنع إيقاده كما لو كان على منارة من نحاس أملس لا يمكن الفأرة الصعود إليه أو يكون مكانه بعيدا عن موضع يمكنها أن تثب منه إلى السراج قال وأما ورود الأمر بإطفاء النار مطلقا كما في حديثي بن عمر وأبي موسى وهو أعم من نار السراج فقد يتطرق منه مفسدة أخرى غير جر الفتيلة كسقوط شيء من السراج على بعض متاع البيت وكسقوط المنارة فينثر السراج إلى شيء من المتاع فيحرقه فيحتاج إلى الإستيثاق من ذلك فإذا استوثق بحيث يؤمن معه الإحراق فيزول الحكم بزوال علته قلت وقد صرح النووي بذلك في القنديل مثلا لأنه يؤمن معه الضرر الذي لا يؤمن مثله في السراج.

 قوله (مصابيحكم): قال العيني: وهو جمع مصباح وذلك لأجل الفأرة فإنها تضرم على الناس بيوتهم وأما القناديل المعلقة في المساجد والبيوت فإن خيف منها أيضا فتطفأ وإلا فلا.أ.هـ وفي الصحيحين عن أبي موسى ، رضي الله عنه ، قال احترق بيت بالمدينة على أهله من الليل فحدث بشأنهم النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن هذه النار إنما هي عدو لكم فإذا نمتم فأطفئوها عنكم.أ.هـ  قال النووي: هذا الحديث فيه جمل من أنواع الخير والأدب الجامعة لمصالح الآخرة والدنيا ، فأمر صلى الله عليه وسلم بهذه الآداب التي هي سبب للسلامة من إيذاء الشيطان ، وجعل الله عز وجل هذه الأسباب أسبابا للسلامة من إيذائه فلا يقدر على كشف إناء ولا حل سقاء ، ولا فتح باب ، ولا إيذاء صبي وغيره ، إذا وجدت هذه الأسباب . وهذا كما جاء في الحديث الصحيح  : إن العبد إذا سمى عند دخول بيته قال الشيطان : لا مبيت " أي : لا سلطان لنا على المبيت عند هؤلاء ، وكذلك إذا قال الرجل عند جماع أهله : " اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا " كان سبب سلامة المولود من ضرر الشيطان ، وكذلك شبه هذا مما هو مشهور في الأحاديث الصحيحة . وفي هذا الحديث : الحث على ذكر الله تعالى في هذه المواضع ، ويلحق بها ما في معناها . قال أصحابنا : يستحب أن يذكر اسم الله تعالى على كل أمر ذي بال ، وكذلك يحمد الله تعالى في أول كل أمر ذي بال للحديث الحسن المشهور فيه .أ.هـ وقال في الفتح: هذه الأوامر تتنوع بحسب مقاصدها فمنها ما يحمل على الندب وهو التسمية على كل حال ومنها ما يحمل على الندب والإرشاد معا كإغلاق الأبواب من اجل التعليل بأن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا لان الاحتراز من مخالطة الشيطان مندوب إليه وان كان تحته مصالح دنيوية كالحراسة وكذا إيكاء السقاء وتخمير الإناء والله اعلم.أ.هـ

وفي الختام هذه بعض الفوائد المختصرة المستقاة مما سبق:

1-الحث على رعاية الصغار ومن كان في حكمهم.وفي الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم : كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته).

2- من الرعاية للصغار كفهم عن الخروج عند غروب الشمس إلى أن تذهب فحمة الليل.

3-من العناية بالصغار تعويذهم كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل فعن ابن عباس ، رضي الله عنهما ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين ويقول إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لآمة.

4-العلم بعداوة الشيطان لبني الإنسان مما يوجب الحذر.كما قال تعالى: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) (6فاطر).

5- من الآداب الإسلامية غلق الأبواب لحفظ العورات والأموال.

6-الحذر  من مخاطر النار والكهرباء والوقود والأدوية والأشياء السامة والحادة فكم تلف بسببها من أموال وأنفس.

7-تغطية الأطعمة والأشربة حذرا من وارد يفسدها أو يلوثها.

8- المحافظة على الأذكار حتى يسلم المسلم من كيد الشيطان. ففي البخاري من حديث أبي هريرة وفيه: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} حتى تختم الآية فإنك لن يزال عليك من الله حافظ ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح.

9-الحذر مما يقع في الليل فقد أمرنا الله بالاستعاذة به من ذلك قال تعالى:) ومن شر غاسق إذا وقب)قال في أضواء البيان: وفي الليل تنتشر الشياطين وأهل الفساد ، من الإنسان والحيوان ويقل فيه المغيث إلا الله .

10- من مخاطر إهمال الصغار وعدم كفهم عن الأسواق والطرقات تسلط مردة الأنس عليهم بإفسادهم أو التغرير بهم.

12- من العوائد الدخيلة على مجتمعنا انتشار العوائل ومعهم الصغار في المتنزهات والحدائق وغالبا ما يكون في وقت فوعة الشياطين وانتشارهم ,مع ما في هذا السلوك من المخالفات.

13- عناية الشريعة بحفظ الأنفس المعصومة فلا يجوز التعدي عليها بإتلافها أو التفريط بها بانتحار أو أي أذى .قال تعالى: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) (93النساء) وقال تعالى:( وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) (النساء29) وقال تعالى: ( وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (البقرة195) وقال تعالى:(وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) (النساء29) وفي الصحيحين عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ومن شرب سما فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا).

14-إذا كان الشرع المطهر أمرنا بحفظ الأطعمة والأشربة حتى لا تتلوث فكيف بمن يتعمد تلويثها ..؟ولهذا جاء في الصحيح النهي عن الشرب من فم القربة ، أو السقاء ونهى أن يتنفس في الإناء.ونحو ذلك.

15- وكما أخبر رسول الله عليه الصلاة والسلام بانتشار الشياطين في هذه الأوقات فقد أخبر بتعاقب الملائكة فينا كما في الصحيحين عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم الملائكة يتعاقبون ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الفجر والعصر ثم يعرج إليه الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم فيقول كيف تركتم { عبادي } فيقولون تركناهم يصلون وأتيناهم يصلون).قال في مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: يتعاقبون. (فيكم) أي في المصلين. (ملائكة) هم الحفظة عند الأكثرين، وقال القرطبي: الأظهر عندي أنهم غيرهم، قال الحافظ: ويقويه أنه لم ينقل أن الحفظة يفارقون العبد، ولا أن حفظة الليل غير حفظة النهار، وبأنهم لو كانوا هم الحفظة لم يقع الاكتفاء في السؤال منهم عن حالة الترك دون غيرها في قوله: كيف تركتم عبادي.

 16-يتعين على طلبة العلم والدعاة والخطباء طرق هذه المواضيع وإشاعتها بين الناس لمسيس الحاجة إليها.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.                     

كتبه /د.عبد الرحمن بن صالح بن عثمان المزيني

المشرف العام على موقع رياض الإسلام

 25/5/1433هـ

almuzaini.a@gmail.com