الدورات الصيفية الخارجية … إلى أين ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
جاء في صحيح الإمام مسلم بن الحجاج عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ قَالَ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ جَالِسٌ في ظِلِّ الْكَعْبَةِ وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ فَأَتَيْتُهُمْ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- في سَفَرٍ فَنَزَلْنَا مَنْزِلاً فَمِنَّا مَنْ يُصْلِحُ خِبَاءَهُ وَمِنَّا مَنْ يَنْتَضِلُ وَمِنَّا مَنْ هُوَ في جَشَرِهِ إِذْ نادي مُنَادِى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الصَّلاَةَ جَامِعَةً. فَاجْتَمَعْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نبي قبلي إِلاَّ كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا في أَوَّلِهَا وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلاَءٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا وتجيء فِتْنَةٌ فَيُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا وتجيء الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ هَذِهِ مهلكتي. ثُمَّ تَنْكَشِفُ وتجيء الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ هَذِهِ هَذِهِ. فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ وَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الذي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ فَلْيُطِعْهُ إِنِ اسْتَطَاعَ فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الآخَرِ ». فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَقُلْتُ لَهُ أَنْشُدُكَ اللَّهَ آنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَهْوَى إِلَى أُذُنَيْهِ وَقَلْبِهِ بِيَدَيْهِ وَقَالَ سَمِعَتْهُ أذناي وَوَعَاهُ قلبي …الحديث.
وما زالت الفتن تتوالى على المسلمين من كل حدب وصوب مصداقا لهذا الحديث ولكنها في هذه الأيام تسارعت إلينا وتسابقت لمناصرة بني جلدتنا ممن أقحطت قلوبهم من الإيمان وتربوا في أحظان الكفار وبهرتهم حضارة الغرب المزيفة فصارت عندهم هي المثال الذي يحتذى فصارت الدراسات تقدم والدعوات تطلق على ما يوافق ماعند الغرب الكافر.
وهولاء هم الذين قال عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الفتن حينما سأله حذيفة رضي الله عنه : قُلْتُ : فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، دُعَاةٌ على أَبْوَابِ جَهَنَّمَ ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ صِفْهُمْ لَنَا ، فَقَالَ : هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا ، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا ، قُلْتُ : فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ ؟ قَالَ : تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ ، قُلْتُ : فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ ؟ قَالَ : فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا ، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ ، حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ ).
لقد نسى هولاء أو تناسوا أننا أمة ذات قيم شما وآداب علياء وتعاليم سامية سماوية. قال تعالى:(أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ) وقال سبحانه:(وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ)
وقد حمل الناس على الاستجابة لهذه الدعوات حب العاجلة والنظرة المادية للدنيا في زمن شح الوظائف.فعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَيْءٍ يُقَرِّبُكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ ، وَيُبَاعِدُكُمْ مِنَ النَّارِ ، إِلا قَدْ أَمَرْتُكُمْ بِهِ ، وَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ يُقَرِّبُكُمْ مِنَ النَّارِ ، وَيُبَاعِدُكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ ، إِلا قَدْ نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ ، أَلا وَإِنَّ الرُّوحَ الأَمِينَ نَفَثَ فِي رُوعِي ، أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَفْسٍ تَمُوتُ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا ، فَاتَّقُوا اللَّهَ ، وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ ، وَلا يَحْمِلَنَّكُمُ اسْتِبْطَاءُ رِزْقٍ أَنْ تَطْلُبُوهُ بِمَعَاصِي اللهِ ، فَإِنَّهُ لا يُدْرَكُ مَا عِنْدَ اللهِ إِلا بِطَاعَتِهِ).قال في الفتح: صححه الحاكم.
وليعلم أن في هذه الدعوات مفاسد كثيرة منها:
الثانية/خطر السكن مع العوائل الكافرة في بلادهم وبيوتهم .لما يترتب عليه من المحبة والأنس بهم والتأسي ولربما الإعجاب.وكذا الاختلاط بنسائهم. قال ابن باز رحمه الله: لا يجوز السكن مع العوائل لما في ذلك من تعرض الطالب للفتنة بأخلاق الكفرة ونسائهم .أ.هـ
الثالثة/ الإسراف في إنفاق الأموال مع إمكان الدراسة في معاهد داخلية بدون هذا الإسراف والمخاطرة قال تعالى ﴿ وكُلواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ وقال البخاري في صحيحه باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ التي أَخرجَ لِعِبَادِهِ ). وَقَالَ النبي – صلى الله عليه وسلم – « كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالْبَسُوا وَتَصَدَّقُوا، في غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلاَ مَخِيلَةٍ ». وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كُلْ مَا شِئْتَ وَالْبَسْ مَا شِئْتَ ، مَا أَخْطَأَتْكَ اثْنَتَانِ سَرَفٌ أَوْ مَخِيلَةٌ )أ.هـ
الرابعة/وهي أعظمها: المخاطرة بالدين فهي بلاد فساد وإفساد وكفر وإباحية. وأهل هذه البلاد مستهدفون من قبل الأعداء. قال الشيخ ابن باز رحمه الله : فلا يجوز السفر للخارج إلا بشروط مهمة؛ لأن السفر للخارج يعرضه للكفر بالله، ويعرضه للمعاصي من شرب الخمر وتعاطي الزنا وغير هذا من الشرور. ولهذا نص العلماء على تحريم السفر إلى بلاد الكفار عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا بريء من كل مسلم يقيم بين المشركين) فالإقامة بينهم خطيرة جداً سواء كانت للسياحة أو للدراسة أو للتجارة أو غير ذلك. فهؤلاء المسافرون من الطلبة من الثانوي والمتوسط أو للدراسة الجامعية على خطر عظيم ، والواجب على الدولة – وفقها الله – أن تؤمِّن لهم الدراسة في الداخل، وليس لها أن تسمح لهم بالسفر إلى الخارج لما فيه من الخطر العظيم. وقد نشأ عن ذلك شر كثير من الردة والتساهل بالمعاصي من الزنا وشرب الخمور، وأعظم من ذلك ترك الصلوات، كما هو معلوم عند من سبر أحوال من يسافر للخارج، إلا من رحم الله منهم وهم القليل. فالواجب منعهم من ذلك وأن لا يسافر إلا الرجال المعروفون بالدين والإيمان والعلم والفضل إذا كان ذلك للدعوة إلى الله، أو التخصص لأمور تحتاجها الدولة الإسلامية…أ.هـ
قال ابن بازرحمه الله : وتهدف هذه النشرات(نشرات الدعوة للدراسة في الخارج) إلى تحقيق عدد من الأغراض الخطيرة منها ما يلي
الأول – العمل على انحراف شباب بالمسلمين وإضلالهم .
اللهم أعذنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
محافظة الرس
مساء السبت
1431/6/29 |