الحكمة من أن الصالحين تصيبهم المصائب دون غيرهم
سألني أحد النصارى : لماذا أهل الدين والخير تصيبهم مصائب أما أهل المعاصي والفجور فإن حياتهم تكون على مايريدون فأرجو من فضيلتكم الرد على هذا السؤال ؟ وما الحكمة من ذلك ؟
الحمد لله. جرت سنة الله في المؤمنين من عباده أن يبتليهم على حسب إيمانهم فمن ازداد إيمانه زيد في بلائه كما ثبت عن النبي أنه قال( يبتلى المرء على حسب دينه فإن كان في دينه صلابة شدد عليه البلاء وإن كان في دينه رقة خفف عنه البلاء. فعن مصعب بن سعد عن أبيه قال قلت : يا رسول الله أي الناس أشد بلاء قال الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل من الناس يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه وان كان في دينه رقة خفف عنه وما يزال البلاء بالعبد حتى يمشى على ظهر الأرض ليس عليه خطيئة ) فهذه المصائب من حكمة تقديرها أنها كفارات للذنوب .وعن أبي سعيد الخدري قال قال رجل لرسول الله صلى الله عليه و سلم : أرأيت هذه الأمراض التي تصيبنا ما لنا بها قال كفارات قال أبي وان قلت قال وان شوكة فما فوقها) وهي علامة محبة الله للمبتلى المؤمن فقد جاء عن رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ : عِظَمُ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاَءِ ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاَهُمْ ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا ، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ.) وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ». وقال سبحانه وتعالى: ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ *أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) ومع هذا البلاء أعانهم سبحانه عليها .بالصبر واحتساب أجرها. أما غير المؤمن فلن يدوم له الحال قال تعالى: (أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ*مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ ) ومع صحة أبدانهم من الأمراض إلا أنك تجدهم يعيشون الهم والغم كما وصفهم خالقهم :(وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) وقال ابن القيم رحمه الله:أن ما يصيب الكافر والفاجر والمنافق من العز والنصر والجاه دون ما يحصل للمؤمنين بكثير بل باطن ذلك ذل وكسر وهوان وإن كان في الظاهر بخلافه قال الحسن رحمه الله : إنهم وإن هملجت بهم البراذين وطقطقت بهم البغال إن ذل المعصية لفي قلوبهم أبى الله إلا أن يذل من عصاه …… أن ابتلاء المؤمن كالدواء له يستخرج منه الأدواء التي لو بقيت فيه أهلكته أو نقصت ثوابه وأنزلت درجته فيستخرج الابتلاء والامتحان منه تلك الأدواء ويستعد به لتمام الأجر وعلو المنزلة ومعلوم أن وجود هذا خير للمؤمن من عدمه كما.أ.هـ وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله